قال القاضي أبو محمد : وحينئذ دخل الناس في دين الله أفواجا ً، وكان رسول الله ﷺ قد أمر علياً أن يقرأ على الناس الأربعين آية صدر سورة براءة قبل ثلاثين، وقيل عشرين، وفي بعض الروايات عشر آيات، وفي بعضها تسع آيات، ذكرها النقاش، وقال سليمان بن موسى الشامي ثمان وعشرون آية، فلحق أبا بكر في الطريق فقال له أبو بكر أمير أو مأمور، فقال بل مأمور فنهضا حتى بلغا الموسم، فلما خطب أبو بكر بعرفة : قال : قم يا علي، فأدِّ رسالة رسول الله ﷺ، فقام علي ففعل، قال ثم وقع في نفسي أن جميع الناس لم يشاهدوا خطبة أبي بكر، فجعلت أتتبع الفساطيط يوم النحر، وقرأ جمهور الناس " أن الله بريء " بفتح الألف على تقدير بأن الله، وقرأ الحسم والأعرج :" إن الله " بكسر الألف على القطع، إذ الأذان في معنى القول، وقرأ جمهور الناس " ورسولُه " بالرفع على الابتداء وحذف الخبر " ورسوله بريء منهم "، هذا هو عند شيخنا الفقيه الأستاذ أبي الحسن بن الباذش رحمه الله معنى العطف على الموضع، أي تؤنس بالجملة الأولى التي هي من ابتداء وخبر فعطفت عليها هذه الجملة، وقيل هو معطوف على موضع المكتوبة قبل دخول " أن " التي لا تغير معنى الابتداء بل تؤكده وإذ قد قرئت بالكسر لأنه لا يعطف على موضع " أن " بالفتح، وانظره فإنه مختلف في جوازه، لأن حكم " أن " رفع حكم الابتداء إلا في هذا الموضع وما أشبهه، وهذا قول أبي العباس وأبي علي رحمهما الله، ومذهب الأستاذ على مقتضى كلام سيبويه أن لا موضع لما دخلت عليه " أن " إذ هو معرب قد ظهر فيه عمل العامل ولأنه لا فرق بين " أن " وبين ليت ولعل، والإجماع أن لا موضع لما دخلت عليه هذه وقيل عطف على الضمير المرفوع الذي في " بريء "، وحسن ذلك أن المجرور قام مقام التوكيد، كما قامت " لا " في وقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon