وقال الآلوسى :
﴿ إِلاَّ الذين عاهدتم مّنَ المشركين ﴾
استثناء على ما في الكشاف من المقدر في قوله :﴿ فَسِيحُواْ فِى الأرض ﴾ [ التوبة : ٢ ] الخ لأن الكلام خطاب مع المسلمين على أن المعنى براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فقولوا لهم سيحوا إلا الذين عاهدتم منهم ثم لم ينقصوكم فأتموا إليهم عهدهم، وهو بمعنى الاستدراك كأنه قيل : فلا تمهلوا الناكثين غير أربعة أشهر ولكن الذين لم ينكثوا فأتموا إليهم عهدهم ولا تجروهم مجرى الناكثين، واعترض بأنه كيف يصح الاستثناء وقد تخلل بين المستثنى والمستثنى منه جملة أجنبية أعني قوله سبحانه :﴿ وَأَذَانٌ مّنَ الله ﴾ [ التوبة : ٣ ] فإنه كما قرر عطف على ﴿ براءة ﴾ [ التوبة : ١ ]، وأجيب بأن تلك الجملة ليست أجنبية من كل وجه لأنها في معنى الأمر بالاعلام كأنه قيل : فقولوا لهم سيحوا واعلموا أن الله تعالى بريء منهم لكن الذين عاهدتم الخ، وجعله بعضهم استدراكاً من النبذ السابق الذي أخر فيه القتال أربعة أشهر والمآل واحد، وقيل : هو استثناء من المشركين الأول وإليه ذهب الفراء، ورد بأن بقاء التعميم في قوله تعالى :﴿ أَنَّ الله بَرِىء مّنَ المشركين ﴾ [ التوبة : ٣ ] ينافيه، وقيل : هو استثناء من المشركين الثاني.