ورد بأن بقاء التعميم في الأول ينافيه، والقول بالرجوع إليهما والمستثنى منهما في الجملتين ليستا على نسق واحد لا يحسن، وجعل الثاني معهوداً وهم المشركون المستثنى منهم هؤلاء فقيل مجيء الاستثناء يبعد ارتكابه في النظم المعجز، وقوله سبحانه :﴿ فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ ﴾ حينئد لا بد من أن يجعل جزاء شرط محذوف وهو أيضاً خلاف الظاهر والظاهر الخبرية، والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط، وكون المراد به أناساً بأعيانهم فلا يكون علما فيشبه الشرط فتدخل الفاء في خبره على تقدير تسليمه غير مضر فقد ذهب الاخفش إلى زيادة الفاء في خبر الموصول من غير اشتراذ العموم، واستدل القطب لما في الكشاف بأن ههنا جملتين يمكن أن يعلق بهما الاستثناء جملة البراءة وجملة الامهال، لكن تعليق الاستثناء بجملة البراءة يستلزم أن لا براءة عن بعض المشركين فتعين تعلقه بجملة الامهال أربعة أشهر، وفيه غفلة عن أن المراد البراءة عن عهود المشركين لا عن أنفسهم، ولا كلام في أن المعاهدين الغير الناكثين ليس الله تعالى ورسوله ﷺ بريئين من عهودهم وإن برئا عن أنفسهم بضرب من التأويل فافهم، وقال ابن المنير : يجوز أن يكون قوله سبحانه :﴿ فَسِيحُواْ ﴾ [ التوبة : ٢ ] خطاباً للمشركين غير مضمر قبله القول ويكون الاستثناء على هذا من قوله تعالى :﴿ إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ ﴾ [ التوبة : ١ ] كأنه قيل : براءة من الله تعالى ورسوله إلى المعاهدين إلا الباقين على العهد فأتموا إليهم أيها المسلمون عهدهم، ويكون فيه خروج من خطاب المسلمين في ﴿ إِلاَّ الذين عاهدتم ﴾ إلى خطاب المشركين في ﴿ فَسِيحُواْ ﴾ ثم التفات من التكلم إلى الغيبة في