وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ ﴾
أي : لا يكون لهم ذلك ﴿ إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ﴾ وفيهم ثلاثة أقوال.
أحدها : أنهم بنو ضمرة، قاله ابن عباس.
والثاني : أنهم قريش، قاله ابن عباس أيضاً.
وقال قتادة : هم مشركو قريش الذين عاهدهم نبيُّ الله ﷺ زمن الحديبية، فنكثوا وظاهروا المشركين.
والثالث : أنهم خزاعة، قاله مجاهد.
وذكر أهل العلم بالسِّيَر : أن رسول الله ﷺ لما صالح سهيل بن عمرو في غزوة الحديبية، كتب بينه وبينه :"هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو، اصطلحا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس، ويكفُّ بعضهم عن بعض، على أنه لا إسلال ولا إغلال، وأن بيننا عيبةً مكفوفةً، وأنَّه من أحب أن يدخل في عهد محمد وعقده فعل، ومن أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل، وأنَّه من أتى محمداً منهم بغير إذن وليه ردَّه إليه، وأنه من أتى قريشاً من أصحاب محمد لم يردُّوه، وأن محمداً يرجع عنَّا عامه هذا بأصحابه، ويدخل علينا في قابل في أصحابه، فيقيم بها ثلاثاً، لا يدخل علينا بسلاح، إلا سلاح المسافر، السيوفَ في القُرب".
فوثبتْ خزاعة.
فقالوا : نحن ندخل في عهد محمد وعقده، ووثبت بنو بكر فقالوا : نحن ندخل في عهد قريش وعقدها، ثم إن قريشاً أعانت بني بكر على خزاعة بالرجال والسلاح فبيَّتوا خزاعة ليلاً، فقتلوا منهم عشرين رجلاً.
ثم إن قريشاً ندمت على ما صَنَعَتْ، وعلموا أنَّ هذا نقضٌ للعهد والمدة التي بينهم وبين رسول الله ﷺ، وخرج قوم من خزاعة إلى رسول الله ﷺ فأخبروه بما أصابهم، فخرج إليهم وكانت غزاة الفتح.
قال أبو عبيدة : الإسلال : السرقة، والإغلال : الخيانة.