فصل


قال الفخر :
﴿ أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾
اعلم أنه تعالى لما قال :﴿قَاتَلُواْ أَئِمَّةَ الكفر﴾ [ التوبة : ١٢ ] أتبعه بذكر السبب الذي يبعثهم على مقاتلتهم فقال :﴿أَلاَ تقاتلون قَوْماً نَّكَثُواْ ﴾.
واعلم أنه تعالى ذكر ثلاثة أسباب كل واحد منها يوجب مقاتلتهم لو انفرد، فكيف بها حال الاجتماع : أحدها : نكثهم العهد، وكل المفسرين حمله على نقض العهد.
قال ابن عباس والسدي والكلبي : نزلت في كفار مكة نكثوا أيمانهم بعد عهد الحديبية، وأعانوا بني بكر على خزاعة وهذه الآية تدل على أن قتال الناكثين أولى من قتال غيرهم من الكفار ليكون ذلك زجراً لغيرهم، وثانيها : قوله :﴿وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرسول﴾ فإن هذا من أوكد ما يجب القتال لأجله.
واختلفوا فيه فقال بعضهم : المراد إخراجه من مكة حين هاجر.
وقال بعضهم : بل المراد من المدينة لما أقدموا عليه من المشورة والاجتماع على قصده بالقتل.
وقال آخرون : بل هموا بإخراجه من حيث أقدموا على ما يدعوه إلى الخروج وهو نقض العهد، وإعانة أعدائه، فأضيف الإخراج إليهم توسعاً لما وقع منهم من الأمور الداعية إليه.
وقوله :﴿وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرسول﴾ إما بالفعل وإما بالعزم عليه، وإن لم يوجد ذلك الفعل بتمامه، وثالثها : قوله :﴿وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ يعني بالقتال يوم بدر، لأنهم حين سلم العير قالوا : لا ننصرف حتى نستأصل محمداً ومن معه.


الصفحة التالية
Icon