قال ابن جني : ويجوز أن يكون مأخوذاً من آل يؤول إذا ساس، أبدل من الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، أي : لا يرقبون فيكم سياسة ولا مداراة ولا ذمة، من رأى أنّ الإل هو العهد جعله والذمة لفظين لمعنى واحد أو متقاربين، ومن رأى أن الإل غير العهد فهما لفظان متباينان.
ولما ذكر حالهم مع المؤمنين أنْ ظهروا عليهم ذكر حالهم معهم ذا كانوا غير ظاهرين، فقال : يرضونكم بأفواههم.
واستأنف هذا الكلام أي : حالهم في الظاهر يخالف لباطنهم، وهذا كله تقرير واستبعاد لثبات قلوبهم على العهد، وإباء القلب مخالفته لما يجري على اللسان من القول الحسن.
وقيل : يرضونكم بأفواههم في العدة بالإيمان، وتأبى قلوبهم إلا الكفر.
وقيل : يرضونكم في الطاعة، وتأبى قلوبهم إلا المعصية.
والظاهر بقاء الأكثر على حقيقته فقيل : وأكثرهم، لأن منهم من قضى الله له بالإيمان.
وقيل : لأن منهم من له حفظ لمراعاة الحال الحسنة من التعفف عما يثلم العرض، ويجر أحدوثة السوء، وأكثرهم خبثاً لأنفس خريجون في الشر لا مروءة تردعهم، ولا طباع مرضية تزعهم، لا يحترزون عن كذب ولا مكر ولا خديعة، ومن كان بهذا الوصف كان مذموماً عند الناس وفي جميع الأديان.
ألا ترى إلى أهل الجاهلية وهم كفار كيف يمدحون أنفسهم بالعفاف وبالصدق وبالوفاء بالعهد وبالأخلاق الحسنة.
وقيل : معنى وأكثرهم وكلهم فاسقون، قاله ابن عطية والكرماني. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾