قال الفقيه : حدثنا أبو جعفر قال : حدثنا الفقيه، علي بن أحمد الفارسي قال : حدثنا نصير بن يحيى قال : حدثنا أبو سليمان قال : حدثنا الفقيه، محمد بن الحسن، عن مجمع بن يعقوب، عن إسحاق بن عبد الله، عن أبي طلحة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : لما انتهى رسول الله ﷺ إلى وادي حنين، وهو وادي من أودية تهامة له مضايق وشعاب، فاستقبلنا من هوازن جيش لا والله ما رأيت مثله في ذلك الزمان قط من السواد والكثرة.
وقد ساقوا أموالهم ونساءهم وأبناءهم وراءهم، ثم صفوا فحملوا النساء فوق الإبل وراء صفوف الرجال، ثم جاؤوا بالإبل والغنم وراء ذلك، لكيلا يفروا بزعمهم.
فلما رأينا ذلك السواد، حسبناهم رجالاً كلهم.
فلما انحدرنا والوادي، وهو وادي حدور، فبيَّنا نحن فيه إنَّ شعرنا، أي ما شعرنا إلا بالكتائب قد خرجت علينا من مضايق الوادي وشعبه، فحملوا علينا حملة رجل واحد.
وقد كانت قريش بمكة طلبوا إلى النبي ﷺ أن يخرجوا معه إلى حنين، فلم يقل لهم لا ولا نعم، فخرجوا وكانوا هم أول من انهزم من الناس قال أنس : فولوا دبرهم وأتبعهم الناس منهزمين ما يلوون على شيء.
فسمعت رسول الله ﷺ يومئذ يقول، والتفت عن يمينه وعن يساره :"يَا أَنْصَارَ الله وَأَنْصَارَ رَسُولِهِ، أَنَا عَبْدُ الله وَرَسُولُهُ صَابِرٌ اليَوْمَ"، ثم تقدم بحربته.
أما الناس، فوالذي بعثه بالحق ما ضربنا بسيف ولا طعنا برمح، حتى هزم الله تعالى.
ثم رجع النبي ﷺ إلى المعسكر، وأمر بطلبهم وأن يقتل كل من قدر عليه منهم.
وجعلت هوازن تولي وثاب من انهزم من المسلمين.
قال الراوي : فقالت أم سليم، وكانت يومئذ تقاتل شادة على بطنها بثوب تقول : أرأيت يا رسول الله الذين أسلموا وفروا عنك وخذلوك، لا تعف عنهم إن أمكنك الله تعالى منهم فاقتلهم، كما تقتل هؤلاء المشركين.


الصفحة التالية
Icon