فقال رسول الله ﷺ :"يَا أُمَّ سُلَيْمٍ، عَفْوُ الله أَوْسَعُ".
وروي في خبر آخر أن دريد بن الصمة، كان شيخاً كبيراً في عسكر مالك بن عوف، وكان صاحب تدبير، وكان لا يبصر شيئاً ما لم ترفع حاجباه.
فقال : ما لي أسمع رغاء الإبل وثغاء الغنم وصوت الصبيان، فقالوا له : إن مالك بن عوف أمر بإخراج الأموال، لكي يقاتل كل واحد منهم عن ماله.
فقال لهم : هلا أخبرتموني بذلك قبل الخروج.
فالرجل إذا جاءته الهزيمة متى يبالي بماله وولده؟ ولكن إذا فعلتم ذلك فاكسروا جفون سيوفكم، واحملوا حملة رجل واحد.
ففعلوا ذلك، فانهزم المسلمون، ولم يبق مع رسول الله ﷺ إلا العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعدة من الأنصار.
فنزل رسول الله ﷺ عن بغلته، وأخذ السيف ومضى نحو العدو، وجعل ينادي :"يَا أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ، يَا أَصْحَابَ سُورَةِ البَقَرَةِ إِليَّ إِليَّ" فأمدّه الله تعالى بخمسة آلاف من الملائكة، ورجع إليه المسلمون، وانهزم المشركون، وأخذ المسلمون أموالهم.
وهو الذي يسمى يوم أوطاس، فنزلت هذه الآية ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله فِى مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ ﴾ فأخبر الله تعالى أن الغلبة ليست بكثرتكم، ولكن بنصرة الله تعالى، وكان ذلك من آيات الله.
ثم قال ﴿ وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ ﴾ ؛ يعني : برحبتها وسعتها من خوف العدو، ﴿ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾ ؛ يعني : منهزمين لا يلوون على أحد. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾