وقال القرطبى :
﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا ﴾
فيه ثمان مسائل :
الأولى قوله تعالى :﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ الله فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ﴾ لما بلغ هوازِنَ فتح مكة جمعهم مالك بن عَوف النّصريّ من بني نصر بن مالك، وكانت الرياسة في جميع العسكر إليه، وساق مع الكفار أموالهم ومواشيهم ونساءهم وأولادهم، وزعم أن ذلك يحمي به نفوسهم وتشتدّ في القتال عند ذلك شوكتهم.
وكانوا ثمانية آلاف في قول الحسن ومجاهد.
وقيل : أربعة آلاف من هَوَازن وثَقيف.
وعلى هوازن مالك بن عوف، وعلى ثَقيف كِنانة بن عبد، فنزلوا بأوّطاس.
وبعث رسول الله ﷺ عبد الله بن أبي حَدْرَد الأسلميّ عَيْناً، فأتاه وأخبره بما شاهد منهم، فعزم رسول الله ﷺ على قصدهم، واستعار من صَفْوان بن أُميّة بن خلف الجُمَحيّ دروعاً.
قيل : مائة درع.
وقيل : أربعمائة درع.
واستسلف من ربيعة المخزوميّ ثلاثين ألفاً أو أربعين ألفاً ؛ فلما قَدِم قضاه إياها.
ثم قال له النبيّ ﷺ :" بارك الله لك في أهلك ومالك إنما جزاء السّلف الوفاء والحمد " خرّجه ابن ماجه في السّنن.
وخرج رسول الله ﷺ في اثني عشر ألفاً من المسلمين ؛ منهم عشرة آلاف صحبوه من المدينة، وألفان من مُسْلِمة الفتح وهم الطلقاء إلى من انضاف إليه من الأعراب ؛ من سُليم وبني كِلاب وعَبْس وذُبيان.
واستعمل على مكة عتّاب بن أسِيد.
وفي مخرجه هذا رأى جهال الأعراب شجرة خضراء، وكان لهم في الجاهلية شجرة معروفة تُسَمّى ذاتَ أنْواط، يخرج إليها الكفار يوماً معلوماً في السنة يعظمونها ؛ فقالوا : يا رسول الله، اجعل لنا ذاتَ أنواط كما لهم ذات أنواط.