وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ ثُمَّ أَنَزلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين ﴾
أي أنزل عليهم ما يُسكنهم ويذهب خوفهم، حتى اجترءوا على قتال المشركين بعد أن وَلوّا.
﴿ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا ﴾ وهم الملائكة ؛ يقوّون المؤمنين بما يلقون في قلوبهم من الخواطر والتثبيت، ويُضعفون الكافرين بالتّجبِين لهم من حيث لا يرونهم ومن غير قتال ؛ لأن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بَدْر.
ورُوي أن رجلاً من بني نصر قال للمؤمنين بعد القتال : أين الخيل البُلْق، والرجالُ الذين كانوا عليها بيض، ما كنا فيهم إلا كهيئة الشّامَة، وما كان قتلنا إلا بأيديهم.
أخبروا النبيّ ﷺ بذلك فقال :" تلك الملائكة " ﴿ وَعذَّبَ الذين كَفَرُواْ ﴾ أي بأسيافكم.
﴿ وذلك جَزَآءُ الكافرين ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ ثم أنزل الله سكينته ﴾
يعني بعد الهزيمة والسكينة والطمأنينة والأمنة، وهي فعلية من السكون وذلك أن الإنسان إذا خاف رجف فؤاده فلا يزال متحركاً وإذا أمن سكن فؤاده وثبت فلما كان الأمن موجباً للسكون جعل لفظ السكينة كناية عن الأمن.
وقوله تعالى :﴿ على رسوله وعلى المؤمنين ﴾ إنما كان إنزال السكينة على المؤمنين لأن الرسول ( ﷺ ) ساكن القلب ليس عنده اضطراب كما حصل للمؤمنين من الهزيمة واضطراب في هذه الواقعة ثم من الله عليهم بإنزال السكينة عليهم حتى رجعوا إلى قتال عدوهم بعد الهزيمة ورسول الله ( ﷺ ) ثابت لم يفر ﴿ وأنزل جنوداً لم تورها ﴾ يعني الملائكة تثبيت المؤمنين وتشجيعهم وتخذيل المشركين وتجبينهم لا للقتال لأن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر ﴿ وعذب الذين كفروا ﴾ يعني بالأسر والقتل وسبي العيال والأموال ﴿ وذلك جزاء الكافرين ﴾ يعني في الدنيا ثم إذا أفضوا إلى الآخرة كان لهم عذاب أشد من ذلك العذاب وأعظم. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon