وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ الله ﴾
أي دِلالته وحججه على توحيده.
جعل البراهين بمنزلة النور لما فيها من البيان.
وقيل : المعنى نور الإسلام ؛ أي أن يخمِدوا دين الله بتكذيبهم.
﴿ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾ جمع فوه على الأصل ؛ لأن الأصل في فمٍ فَوْهٌ، مثل حوض وأحواض.
﴿ ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ ﴾ يقال : كيف دخلت "إلا" وليس في الكلام حرف نفي، ولا يجوز ضربت إلا زيداً.
فزعم الفراء أن "إلا" إنما دخلت لأن في الكلام طَرَفاً من الجَحْد.
قال الزجاج : الجحد والتحقيق ليسا بذوي أطراف.
وأدوات الجحد : ما، ولا، وإنْ، وليس : وهذه لا أطراف لها يُنطق بها، ولو كان الأمر كما أراد لجاز كرهت إلا زيداً ؛ ولكن الجواب أن العرب تحذف مع أبى.
والتقدير : ويأبى الله كل شيء إلا أن يتم نوره.
وقال عليّ بن سليمان : إنما جاز هذا في "أَبَى" لأنها منع أو امتناع، فضارعت النفي.
قال النحاس : فهذا حسن ؛ كما قال الشاعر :
وهل ليَ أُمٌّ غيرُها إن تركتها...
أبى اللَّه إلا أن أكون لها ابنما. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon