والتقدير : إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله، أي في حكمه الواقع يوم خلق السموات.
والثالث : أن يكون الكتاب اسماً وقوله :﴿يَوْمَ خَلَقَ السموات﴾ متعلق بفعل محذوف والتقدير : إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً مكتوباً في كتاب الله كتبه يوم خلق السموات والأرض.
المسألة الثالثة :
في تفسير أحكام الآية :﴿إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله﴾ أي في علمه ﴿اثنا عَشَرَ شَهْراً فِي كتاب الله﴾ وفي تفسير كتاب الله وجوه : الأول : قال ابن عباس : إن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه أحوال مخلوقاته بأسرها على التفصيل، وهو الأصل للكتب التي أنزلها الله على جميع الأنبياء عليهم السلام.
الثاني : قال بعضهم : المراد من الكتاب القرآن، وقد ذكرنا آيات تدل على أن السنة المعتبرة في دين محمد ﷺ هي السنة القمرية وإذا كان كذلك كان هذا الحكم مكتوباً في القرآن.
الثالث : قال أبو مسلم :﴿فِى كتاب الله﴾ أي فيما أوجبه وحكم به، والكتاب في هذا الموضع هو الحكم والإيجاب، كقوله تعالى :﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال﴾ [ البقرة : ٢١٦ ] ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القصاص﴾ [ البقرة : ١٧٨ ] ﴿كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة﴾ [ الأنعام : ٥٤ ] قال القاضي : هذا الوجه بعيد، لأنه تعالى جعل الكتاب في هذه الآية كالظرف، وإذا حمل الكتاب على الحساب لم يستقم ذلك إلا على طريق المجاز، ويمكن أن يجاب عنه : بأنه وإن كان مجازاً، إلا أنه مجاز متعارف يقال : إن الأمر كذا وكذا في حساب فلان وفي حكمه.
وأما قوله :﴿يَوْمَ خَلَقَ السموات والأرض﴾ فقد ذكرنا في المسألة الثانية وجوهاً فيما يتعلق به والأقرب ما ذكرناه في الوجه الثالث، وهو أن يكون المراد أنه كتب هذا الحكم وحكم به يوم خلق السموات والأرض، والمقصود بيان أن هذا الحكم حكم محكوم به من أول خلق العالم، وذلك يدل على المبالغة والتأكيد.