البحث الثاني : في تفسير لفظ الدين وجوه : الأول : أن الدين قد يراد به الحساب.
يقال : الكيس من دان نفسه أي حاسبها، والقيم معناه المستقيم فتفسير الآية على هذا التقدير، ذلك الحساب المستقيم الصحيح والعدل المستوفى.
الثاني : قال الحسن : ذلك الدين القيم الذي لا يبدل ولا يغير، فالقيم ههنا بمعنى القائم الذي لا يبدل ولا يغير، الدائم الذي لا يزول، وهو الدين الذي فطر الناس عليه.
الثالث : قال بعضهم : المراد أن هذا التعبد هو الدين اللازم في الإسلام.
وقال القاضي : حمل لفظ الدين على العبادة أولى من حمله على الحساب، لأنه مجاز فيه، ويمكن أن يقال : الأصل في لفظ الدين الانقياد.
يقال : يا من دانت له الرقاب، أي انقادت، فالحساب يسمى ديناً، لأنه يوجب الانقياد، والعدة تسمى ديناً، فلم يكن حمل هذا اللفظ على التعبد أولى من حمله على الحساب.
قال أهل العلم : الواجب على المسلمين بحكم هذه الآية أن يعتبروا في بيوعهم ومدد ديونهم وأحوال زكواتهم وسائر أحكامهم السنة العربية بالأهلة، ولا يجوز لهم اعتبار السنة العجمية والرومية.
ثم قال تعالى :﴿فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾ وفيه بحثان :
البحث الأول : الضمير في قوله :﴿فِيهِنَّ﴾ فيه قولان : الأول : وهو قول ابن عباس : أن المراد : فلا تظلموا في الشهور الإثني عشر أنفسكم، والمقصود منع الإنسان من الإقدام على الفساد مطلقاً في جميع العمر.


الصفحة التالية
Icon