وقال ابن عطية :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾
هذه الآية هي بلا اختلاف نازلة عتاباً على تخلف من تخلف عن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك، وكانت سنة تسع من الهجرة بعد الفتح بعام غزا فيها الروم في عشرين ألفاً بين راكب وراجل، وتخلف عنه قبائل من الناس ورجال من المؤمنين كثير ومنافقون فالعتاب في هذه الآية هو للقبائل وللمؤمنين الذين كانوا بالمدينة، وخص الثلاثة كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية بذلك التذنيب الشديد بحسب مكانهم من الصحبة إذ هم من أهل بدر وممن يقتدى بهم، وكان تخلفهم لغير علة حسب ما يأتي، وقوله ﴿ ما لكم ﴾ استفهام بمعنى التقرير والتوبيخ، وقوله ﴿ قيل ﴾ يريد النبي ﷺ إلا أن صرفه الفعل لا يسمى فاعلة يقتضي إغلاظاً ومخاشنة ما، و" النفر " هو التنقل بسرعة من مكان إلى مكان لأمر يحدث، يقال في ابن آدم نفر إلى الأمر ينفر نفيراً ونفراً، ويقال في الدابة نفرت تنفرُ بضم الفاء نفوراً، وقوله ﴿ اثاقلتم ﴾ أصله تثاقلتم أدغمت التاء في الثاء فاحتيج إلى ألف الوصل كما قال ﴿ فادارأتم ﴾ وكما تقول ازين، وكما قال الشاعر [ الكسائي ] :[ البسيط ]
تولي الضجيع إذا ما استافها خصراً... عذب المذاق إذا ما اتّابَع القبل


الصفحة التالية
Icon