وقال السمرقندى :
﴿ انفروا خِفَافًا وَثِقَالاً ﴾
قال الكلبي : خفافاً يعني : أهل العسرة من المال، وقلة العيال، وثقالاً يعني : أهل المسيرة في المال والصبية العيال.
وقال الكلبي : ويقال فيها وجه آخر ﴿ انفروا خِفَافًا ﴾، يقول : نشاطاً في الجهادِ ﴿ وَثِقَالاً ﴾ غير نشاط في الجهاد، وكذا قال مقاتل ؛ ويقال :﴿ انفروا خِفَافًا وَثِقَالاً ﴾ شباناً وشيوخاً.
وروى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس أن أبا طلحة الأنصاري قرأ هذه الآية ﴿ انفروا خِفَافًا وَثِقَالاً ﴾، فقال : ما أرى الله تعالى إلا سينفرنا شباناً وشيوخاً، قال : جهزوني فقلنا : قد غزوت مع رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر وأنت اليوم شيخ كبير.
قال : جهزوني.
فجهزناه فركب البحر فمات في غزاته.
وروى سفيان، عن منصور، عن الحكم قال : مشاغيل وغير مشاغيل.
وروى مسروق، عن أبي الضحى قال : أول ما نزلت من سورة براءة هذه الآية ﴿ انفروا خِفَافًا وَثِقَالاً ﴾ ثم نزل أولها وآخرها.
وروي عن ابن عباس أنه قال : نسختها هذه الآية :﴿ وَمَا كَانَ المؤمنون لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِى الدين وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رجعوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ [ التوبة : ١٢٢ ] وقال بعضهم : ليست بمنسوخة، ولكنها في الحالة التي وقع فيها النفير، وجب على جميع الناس الخروج إلى الجهاد، وإذا لم يكن النفير عاماً، يكون فرضاً عاماً ؛ فإذا خرج بعض الناس، سقط عن الباقين وبه نأخذ.
ثم قال تعالى :﴿ وجاهدوا بأموالكم وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ الله ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ ﴾، يعني : الجهاد خير لكم من الجلوس، ﴿ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ ؛ يعني : تصدقون بثواب الله.
ويقال : معناه إن كنتم تعلمون أن الخروج إلى الجهاد خير لكم من القعود فَانْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾