فصل


قال الفخر :
﴿إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر وارتابت قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِى رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
بين أن هذا الانتقال لا يصدر إلا عند عدم الإيمان بالله واليوم الآخر ثم لما كان عدم الإيمان قد يكون بسبب الشك فيه، وقد يكون بسبب الجزم والقطع بعدمه، بين تعالى أن عدم إيمان هؤلاء إنما كان بسبب الشك والريب، وهذا يدل على أن الشاك المرتاب غير مؤمن بالله.
وههنا سؤالان :
السؤال الأول : أن العلم إذا كان استدلالياً كان وقوع الشك في الدليل يوجب وقوع الشك في المدلول، ووقع الشك في مقدمة واحدة من مقدمات الدليل يكفي في حصول الشك في صحة الدليل، فهذا يقتضي أن الرجل المؤمن إذا وقع له سؤال وإشكال في مقدمة من مقدمات دليله أن يصير شاكاً في المدلول، وهذا يقتضي أن يخرج المؤمن عن إيمانه في كل لحظة، بسبب أنه خطر بباله سؤال وإشكال، ومعلوم أن ذلك باطل، فثبت أن بناء الإيمان ليس على الدليل بل على التقليد.
فصارت هذه الآية دالة على أن الأصل في الإيمان هو التقليد من هذا الوجه.
والجواب : أن المسلم وإن عرض له الشك في صحة بعض مقدمات دليل واحد إلا أن سائر الدلائل سليمة عنده من الطعن، فلهذا السبب بقي إيمانه دائماً مستمراً.
السؤال الثاني : أليس أن أصحابكم يقولون : أنا مؤمن إن شاء الله تعالى، وذلك يقتضي حصول الشك ؟
والجواب : أنا استقصينا في تحقيق هذه المسألة في سورة الأنفال، في تفسير قوله :﴿أُوْلئِكَ هُمُ المؤمنون حَقّاً﴾ [ الأنفال : ٧٤ ].
المسألة الثانية :
قالت الكرامية : الإيمان هو مجرد الإقرار مع أنه تعالى شهد عليهم في هذه الآية بأنهم ليسوا مؤمنين.
المسألة الثالثة :


الصفحة التالية
Icon