قوله :﴿وارتابت قُلُوبُهُمْ﴾ يدل على أن محل الريب هو القلب فقط، ومتى كان محل الريب هو القلب كان محل المعرفة، والإيمان أيضاً هو القلب، لأن محل أحد الضدين يجب أن يكون هو محلاً للضد الآخر، ولهذا السبب قال تعالى :﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الإيمان﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] وإذا كان محل المعرفة والكفر القلب، كان المثاب والمعاقب في الحقيقة هو القلب والبواقي تكون تبعاً له.
المسألة الرابعة :
قوله :﴿فَهُمْ فِى رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ﴾ معناه أن الشاك المرتاب يبقى متردداً بين النفي والإثبات، غير حاكم بأحد القسمين ولا جازم بأحد النقيضين.
وتقريره : أن الاعتقاد إما أن يكون جازماً أو لا يكون، فالجازم إن كان غير مطابق فهو الجهل وإن كان مطابقاً، فإن كان غير يقين فهو العلم، وإلا فهو اعتقاد المقلد.
وإن كان غير جازم، فإن كان أحد الطرفين راجحاً فالراجح هو الظن والمرجوح هو الوهم.
وإن اعتدل الطرفان فهو الريب والشك، وحينئذ يبقى الإنسان متردداً بين الطرفين. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٦ صـ ٦٢ ـ ٦٣﴾


الصفحة التالية
Icon