وقال القاضي عياض في " الشفا " : وأما قوله تعالى :﴿ عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ﴾ فأمر لم يتقدم للنبيّ ﷺ فيه من الله نهي، فيعدّ معصية ولا عدّه الله عليه معصية، بل يعده أهل العلم معاتبة، وغلّطوا من ذهب إلى ذلك.
قال نفطويه : وقد حاشاه الله من ذلك، بل كان مخيراً في أمرين.
قالوا : وقد كان له أن يفعل ما يشاء فيما لم ينزل عليه وحي، وكيف ؟ وقد قال الله تعالى :﴿ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ ﴾ فلما أذن لهم أعلمه الله تعالى بما لم يطلعه عليه من سرهم، أنه لو لم يأذن لهم لقعدوا لنفاقهم، وأنه لا حرج عليه فيما فعل، وليس
عفا هنا بمعنى غفر، بل كما قال النبيّ ﷺ :< عفا الله لكم عن صدقة الخيل والرقيق >. ولم تَجِبْ عليهم قط، أي : لم يلزمهم ذلك.
ونحوه للقشيري قال : إنما يقول : العفو لا يكون إلا عن ذنب، من لم يعرف كلام العرب، قال : ومعنى : عَفَا اللهُ عَنْكَ، أي : لم يلزمك ذنباً. انتهى.
وقد عد ما وقع في " الكشاف " هنا من قبيح سقطاته.
وللعلامة أبي مسعود مناقشة معه في ذلك، أُورِدُها لبلوغها الغاية في البلاغة، قال رحمه الله :