الوجه الأول : أن لفظ ﴿خَيْرٌ﴾ يستعمل في معنيين : أحدهما : بمعنى هذا خير من ذاك.
والثاني : بمعنى أنه في نفسه خير كقوله :﴿إِنّى لِمَا أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [ القصص : ٢٤ ] وقوله :﴿وَإِنَّهُ لِحُبّ الخير لَشَدِيدٌ﴾ [ العاديات : ٨ ] ويقال : الثريد خير من الله، أي هو خير في نفسه، وقد حصل من الله تعالى، فقوله :﴿ذلكم خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ المراد هذا الثاني، وعلى هذا الوجه يسقط السؤال.
الوجه الثاني : سلمنا أن المراد كونه خيراً من غيره، إلا أن التقدير : أن ما يستفاد بالجهاد من نعيم الآخرة خير مما يستفيده القاعد عنه من الراحة والدعة والتنعم بهما، ولذلك قال تعالى :﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ لأن ما يحصل من الخيرات في الآخرة على الجهاد لا يدرك إلا بالتأمل، ولا يعرفه إلا المؤمن الذي عرف بالدليل أن القول بالقيامة حق، وأن القول بالثواب والعقاب حق وصدق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٦ صـ ٥٦ ـ ٥٨﴾