وقال القاسمى :
﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي ﴾
أي : في القعود ﴿ وَلا تَفْتِنِّي ﴾ أي : لا توقعني في الفتنة.
روي عن مجاهد وابن عباس أنها نزلت في الجدّ بن قيس، أخي بني سلمة، وذلك فيما رواه محمد بن إسحاق، أن النبي ﷺ قال له ذات يوم وهو في جهازه :< هل لك يا جدّ في جلاد بني الأصفر ؟ > فقال : يا رسول الله ! أو تأذن لي ولا تفتنِّي ؟ فوالله ! لقد عرف قومي ما رجل أشد عجباً بالنساء مني، وإني أخشى، إن رأيت نساء بني الأصفر، ألَّا أصبر عنهن، فأعرض عنه رسول الله ﷺ وقال :< أذنت لك ! >.
قال الشهاب يعني أنه يخشى العشق لهن، أو مواقعتهن من غير حلّ.
وبنات الأصفر : للروم، كبني الأصفر. وقيل في وجه التسمية وجوه : منها أنهم ملكهم بعض الحبشة، فتولد بينهم نساء وأولاد ذهبية الألوان. انتهى.
قال ابن كثير : كان الجدّ بن قيس هذا من أشرف بني سلمة.
وفي الصحيح أن رسول الله ﷺ قال لهم :< من سيدكم يا بني سلمة ؟ > قالوا : الجدّ بن قيس ؟ على أنا نبخِّله.
فقال رسول الله ﷺ :< وأي داء أدوأ من البخل ؟ ولكن سيّدكم الفتى الجعد الأبيض، بشر بن البراء بن معرور >.
وقوله تعالى :﴿ أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا ﴾ قال أبو السعود : أي : في عينها ونفسها، وأكمل أفرادها، الغني عن الوصف بالكمال، الحقيق باختصاص اسم الجنس به، سقطوا. لا في شيء مغاير لها، فضلاً عن أن يكون مهرباً ومخلصاً عنها. وذلك بم فعلوا من العزيمة على التخلف، والجرأة على الإستئذان بهذه الطريقة الشنيعة، ومن القعود بالإذن المبني عليه، وعلى الإعتذارات الكاذبة، وقرئ بإفراد الفعل، محافظة


الصفحة التالية
Icon