وقال الخازن :
﴿ ولو أرادوا الخروج ﴾
يعني إلى الغزو معكم ﴿ لأعدوا له عدة ﴾ لتهؤوا له بإعداد آلات السفر وآلات القتال من الكراع والسلاح ﴿ ولكن كره الله انبعاثهم ﴾ يعني خروجهم إلى الغزو معكم ﴿ فثبطهم ﴾ يعني منعهم وحبسهم عن الخروج معكم والمعنى أن الله سبحانه وتعالى كره خروج المنافقين مع النبي ( ﷺ ) فصرفهم عنه وهاهنا يتوجه سؤال وهو أن خروج المنافقين مع النبي ( ﷺ ) إما أن يكون فيه مصلحة أو مفسدة فإن كان فيه مصلحة فلم قال : ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم، وإن كان فيه مفسدة.
فلم عاتب نبيه ( ﷺ ) في أذنه لهم بالقعود والجواب عن السؤال أن خروجهم مع رسول الله ( ﷺ ) كان فيه مفسدة عظيمة بدليل أنه تعالى أخبر عن تلك المفسدة بقوله تعالى لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً، بقي فلم عاتب الله ورسوله ( ﷺ ) بقوله لم أذنت لهم فنقول إنه ( ﷺ ) أذن لهم قبل تمام الفحص وإكمال التأمل والتدبر في حالهم فلهذا السبب قال الله تعالى : لم أذنت لهم؟ وقيل إنما عاتبه لأجل أنه أذن لهم قبل أن يوحي إليه في أمرهم بالقعود ﴿ وقيل اقعدوا مع القاعدين ﴾ معناه أنهم لما استأذنوه في القعود.
قيل لهم : اقعدوا مع القاعدين وهم النساء والصبيان والمرضى وأهل الأعذار ثم اختلفوا في القائل من هو فقيل، قال بعضهم لبعض : اقعدوا مع القاعدين.
وقيل : القائل هو رسول الله ( ﷺ ) وإنما قال ذلك لهم على سبيل الغضب لما استأنذوه في القعود فقال لهم اقعدوا مع القاعدين فاغتنموا ذلك وقعدوا وقيل إن القائل ذلك هو الله سبحانه وتعالى بأن ألقى في قلوبهم القعود لما كره انبعاثهم مع المسلمين إلى الجهاد. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾