وقال أبو حيان :
﴿ ولو أرادوا الخروج لأعَدّوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ﴾
قال ابن عباس : عدّة من الزاد والماء والراحلة، لأنّ سفرهم بعيد في زمان حر شديد.
وفي تركهم العدّة دليل على أنهم أرادوا التخلف.
وقال قوم : كانوا قادرين على تحصيل العدّة والإهبة.
وروى الضحاك عن ابن عباس : العدّة النية الخالصة في الجهاد.
وحكى الطبري : كل ما يعد للقتال من الزاد والسلاح.
وقرأ محمد بن عبد الملك بن مروان وابنه معاوية : عُدَّ بضم العين من غير تاء، والفراء يقول : تسقط التاء للإضافة، وجعل من ذلك وإقام الصلاة أي وإقامة الصلاة.
وورد ذلك في عدة أبيات من لسان العرب، ولكن لا يقيس ذلك، إنما نقف فيه مع مورد السماع.
قال صاحب اللوامح : لما أضاف جعل الكناية تائبة عن التاء فأسقطها، وذلك لأنّ العد بغير تاء، ولا تقديرها هو البثر الذي يخرج في الوجه.
وقال أبو حاتم : هو جمع عدة كبرة وبر ودرة ودر، الوجه فيه عدد، ولكن لا يوافق خط المصحف.
وقرأ ذر بن حبيش وإبان عن عاصم : عده بكسر العين، وهاء إضمار.
قال ابن عطية : وهو عندي اسم لما يعد كالذبح والقتل للعد، وسمي قتلاً إذ حقه أن يقتل.
وقرىء أيضاً : عبة بكسر العين، وبالتاء دون إضافة أي : عدة من الزاد والسلاح، أو مما لهم مأخوذ من العدد.
ولما تضمنت الجملة انتفاء الخروج والاستعداد، وجاء بعدها ولكن، وكانت لا تقع إلا بين نقيضين أو ضدين أو خلافين على خلاف فيه، لا بين متفقين، وكان ظاهر ما بعد لكن موافقاً لما قبلها.
قال الزمخشري :( فإن قلت ) : كيف موقع حرف الاستدراك؟ ( قلت ) : لما كان قوله : ولو أرادوا الخروج معطياً معنى نفي خروجهم واستعدادهم للغزو.
قيل : ولكن كره الله انبعاثهم، كأنه قيل : ما خرجوا ولكن تثبطوا عن الخروج لكراهة انبعاثهم، كما تقول : ما أحسن إليّ زيد ولكن أساء إليّ انتهى.


الصفحة التالية
Icon