وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ لو خرجوا فيكم ﴾ الآية
خبر بأنهم لو خرجوا لكان خروجهم مضرة، وقولهم ﴿ إلا خبالاً ﴾ استثناء من غير الأول، وهذا قول من قدر أنه لم يكن في عسكر رسول الله ﷺ خبال، فيزيد المنافقون فيه، فكأن المعنى ما زادوكم قوة ولا شدة لكن خبالاً، ويحتمل أن يكون استثناء غير منقطع وذلك أن عسكر رسول الله ﷺ، في غزوة تبوك كان فيه منافقون كثير ولهم لا محالة خبال، فلو خرج هؤلاء لالتأموا مع الخارجين فزاد الخبال، والخبال الفساد في الأشياء المؤتلفة الملتحمة كالمودات وبعض الأجرام، ومنه قول الشاعر :[ الكامل ]
يا بني لبينى لستما بيدِ... إلاّ يداً مخبولة العضدِ
وقرأ ابن أبي عبلة " ما زادكم " بغير واو، وقرأ جمهور الناس ﴿ لأوضعوا ﴾ ومعناه لأسرعوا السير، و﴿ خلالكم ﴾ معناه فيما بينكم من هنا إلى هنا يسد الموضع الخلة بين الرجلين، والإيضاع سرعة السير، وقال الزجّاج ﴿ خلالكم ﴾ معناه فيما يخل بكم.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف، وماذا يقول في قوله :﴿ فجاسوا خلال الديار ﴾ [ الاسراء : ٥ ] وقرأ مجاهد فيما حكى النقاش عنه، " ولأوفضوا " وهو أيضاً بمعنى الإسراع ومنه قوله تعالى :﴿ إلى نصب يوفضون ﴾ [ المعارج : ٤٣ ]، وحكي عن الزبير أنه قرأ " ولأرفضوا " قال أبو الفتح : هذه من رفض البعير إذا أسرع في مشيه رقصاً ورقصاناً، ومنه قول حسان بن ثابت :[ الكامل ]
رقص القلوص براكب مستعجل... ووقعت " ولا أوضعوا " بألف بعد " لا " في المصحف، وكذلك وقعت في قوله ﴿ أو لأذبحنه ﴾ [ النمل : ٢١ ]، قيل وذلك لخشونة هجاء الأولين قال الزجّاج : إنما وقعوا في ذلك لأن الفتحة في العبرانية وكثير من الألسنة تكتب ألفاً.