والجواب الصحيح : أن خروجهم مع الرسول ما كان مصلحة، بدليل أنه تعالى صرح بعد هذه الآية وشرح تلك المفاسد وهو قوله :﴿لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً﴾ [ التوبة : ٤٧ ] بقي أن يقال فلما كان الأصوب الأصلح أن لا يخرجوا، فلم عاتب الرسول في الإذن ؟ فنقول : قد حكينا عن أبي مسلم أنه قال : ليس في قوله ﴿لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ﴾ [ التوبة : ٤٣ ] أنه عليه الصلاة والسلام كان قد أذن لهم في القعود، بل يحتمل أن يقال إنهم استأذنوه في الخروج معه فأذن لهم، وعلى هذا التقدير فإنه يسقط السؤال، قال أبو مسلم والدليل على صحة ما قلنا إن هذه الآية دلت على أن خروجهم معه كان مفسدة، فوجب حمل ذلك العتاب على أنه عليه الصلاة والسلام أذن لهم في الخروج معه، وتأكد ذلك بسائر الآيات، منها قوله تعالى :﴿فَإِن رَّجَعَكَ الله إلى طَائِفَةٍ مّنْهُمْ فاستأذنوك لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا﴾ [ التوبة : ٨٣ ] ومنها قوله تعالى :﴿سَيَقُولُ المخلفون إِذَا انطلقتم﴾ [ الفتح : ١٥ ] إلى قوله :﴿قُل لَّن تَتَّبِعُونَا﴾ [ الفتح : ١٥ ] فهذا دفع هذا السؤال على طريقة أبي مسلم.


الصفحة التالية
Icon