وقال السمرقندى :
قوله تعالى :﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات ﴾
روي عن ابن كثير أنه قرأ ﴿ يَلْمِزُكَ ﴾ بضم الميم والباقون بالكسر ؛ وهما لغتان ومعناهما واحد يقول : من المنافقين من يطعنك ويعيبك ؛ ويقال : لمزته إذا عبته.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري، قال : بينما رسول الله ﷺ يقسم قسماً، إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي فقال : اعدل يا رسول الله.
فقال :" وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إذَا لَمْ أعْدِلْ " فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله، أتأذن لي فأضرب عنقه؟ فقال :" دَعْهُ فَإنَّ لَهْ أصْحَاباً يَحْقِرُ أحَدْكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ يَمْرَقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ الْسَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ؛ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أسْوَدٌ إحْدَى ثَدْيَيْهِ مِثْلُ ثَدْي المَرْأةِ البضعةِ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فرقةٍ مِنَ النَّاسِ " ويروى :" عَلَى حِينِ الفِتَنِ مِنَ النَّاس " فنزلت فيهم ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات ﴾ الآية.
قال أبو سعيد : أشهد أني سمعت هذا من رسول الله عليه السلام وأشهد أن علياً حين قتلهم وأنا معه، أتى بالرجل بالنعت الذي نعته رسول الله عليه السلام وروي عن ابن عباس أن النبي ﷺ أعطى المؤلفة قلوبهم من الصدقات، فقال أبو الخواص والنبي عليه السلام يعطي وروى بعضهم أبو الجواظ : ألا ترون إلى صاحبكم يقسم صدقتكم في رعاة الغنم؟ فقال له رسول الله ﷺ :" لا أبَا لَكَ، أمَا كَانَ مُوسَى رَاعِياً؟ أمَا كَانَ داودُ رَاعِياً " أما كان داود راعياً؟ فذهب أبو الخواص، فقال النبي عليه السلام :" احْذِرُوا هذا وَأَصْحَابَهُ " فنزل ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصدقات ﴾. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon