واعلم أنه كان الواجب عليه أن لا يذكر هذا الاستدلال بعد ما أزال الله هذه الشبهة على أبلغ الوجوه، وهو قوله :﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نفقاتهم إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَبِرَسُولِهِ﴾ فبين تعالى بصريح هذا اللفظ أنه لا مؤثر في منع قبول هذه الأعمال إلا الكفر، وعند هذا يصير هذا الكلام من أوضح الدلائل على أن الفسق لا يحبط الطاعات، لأنه تعالى لما قال :﴿إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فاسقين﴾ فكأنه سأل سائل وقال : هذا الحكم معلل بعموم كون تلك الأعمال فسقاً، أو بخصوص كون تلك الأعمال موصوفة بذلك الفسق ؟ فبين تعالى به ما أزال هذه الشبهة، وهو أن عدم القبول غير معلل بعموم كونه فسقاً، بل بخصوص وصفه وهو كون ذلك الفسق كفراً.
فثبت أن هذا الاستدلال باطل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٦ صـ ٧١ ـ ٧٢﴾