وقال القرطبى :
﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ﴾
فيه ثلاث مسائل :
الأُولى قوله تعالى :﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ ﴾ "أنْ" الأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع.
والمعنى : وما منعهم من أن تقبل منهم نفقاتهم إلاَّ كفرهم وقرأ الكوفيون "أن يُقبل مِنهم" بالياء ؛ لأن النفقات والإنفاق واحد.
الثانية قوله تعالى :﴿ وَلاَ يَأْتُونَ الصلاة إِلاَّ وَهُمْ كسالى ﴾ قال ابن عباس : إن كان في جماعة صلى وإن انفرد لم يصلّ، وهو الذي لا يرجو على الصَّلاة ثواباً ولا يخشى في تركها عقاباً.
فالنفاق يورث الكسل في العبادة لا محالة.
وقد تقدّم في "النساء" القول في هذا كله.
وقد ذكرنا هناك حديث العلاء مُوعَبا.
والحمد لله.
الثالثة قوله تعالى :﴿ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ لأنهم يعدونها مَغْرماً ومنعها مَغْنماً.
وإذا كان الأمر كذلك فهي غير متقبَّلة ولا مثاب عليها حسب ما تقدّم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٨ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى :﴿ وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ﴾
أي المانع من قبول نفقاتهم هو كفرهم بالله وبرسوله ﴿ ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ﴾ جمع كسلان يعني متثاقلين في الإتيان إلى الصلاة وذلك لأنهم لا يرجون على فعلها ثواباً ولا يخافون على تركها عقاباً فلذلك ذمهم مع فعلها ﴿ ولا ينفقون إلا وهم كارهون ﴾ لأنهم كانوا يعتقدون الإنفاق في سبيل الله مغرماً ومنع ذلك الإنفاق مغنماً. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon