وقال أبو حيان :
﴿ وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ﴾.
ذكر السبب الذي هو بمفرده مانع من قبول نفقاتهم وهو الكفر، وأتبعه بما هو ناشىء عن الكفر ومستلزم له وهو دليل عليه.
وذلك هو إتيان الصلاة وهم كسالى، وإيتاء النفقة وهم كارهون.
فالكسل في الصلاة وترك النشاط إليها وأخذها بالإقبال من ثمرات الكفر، فإيقاعها عندهم لا يرجون به ثواباً، ولا يخافون بالتفريط فيها عقاباً.
وكذلك الإنفاق للأموال لا يكرهون ذلك إلا وهم لا يرجون به ثواباً.
وذكر من أعمال البر هذين العملين الجليلين وهما الصلاة والنفقة، واكتفى بهما وإن كانوا أفسد حالاً في سائر أعمال البر، لأنّ الصلاة أشرف الأعمال البدنية، والنفقة في سبيل الله أشرف الأعمال المالية، وهما وصفان المطلوب إظهارهما في الإسلام، ويستدل بهما على الإيمان، وتعداد القبائح يزيد الموصوف بها ذماً وتقبيحاً.
وقرأ الأخوان وزيد بن علي : أن يقبل بالياء، وباقي السبعة بالتاء، ونفقاتهم بالجميع، وزيد بن علي بالإفراد.
وقرأ الأعرج بخلاف عنه : أن تقبل بالتاء من فوق نفقتهم بالإفراد.
وفي هذه القراءات الفعل مبني للمفعول.
وقرأت فرقة : أن نقبل منهم نفقتهم بالنون ونصب النفقة.
قال الزمخشري : وقراءة السلمي أن نقبل منهم نفقاتهم على أنّ الفعل لله تعالى انتهى.
والأولى أن يكون فاعل منع قوله : ألا أنهم أي كفرهم، ويحتمل أن يكون لفظ الجلالة أي : وما منعهم الله، ويكون إلا أنهم تقديره : إلا لأنهم كفروا.
وأن تقبل مفعول ثان إما لوصول منع إليه بنفسه، وإما على تقدير حذف حرف الجر، فوصل الفعل إليه. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon