وقال الآلوسى :
﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نفقاتهم إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَبِرَسُولِهِ ﴾
وقد يراد به ما هو الكامل وهو الكفر ويكون هذا منه تعالى بياناً وتقريراً لذلك، والاستثناء من أعم الأشياء أي ما منعهم أن تقبل نفقاتهم شيء من الأشياء إلا كفرهم، ومنه يتعدى إلى مفعولين بنفسه وقد يتعدى إلى الثاني بحرف الجبر وهو من أو عن، وإذا عدى بحرف صح أن يقال : منعه من حقه ومنه حقه منه لأنه يكون بمعنى الحيلولة بينهما والحماية، ولا قلب فيه كما يتوهم، وجاز فيما نحن فيه أن يكون متعدياً للثاني بنفسه وأن يقدر حرف وحذف حرف الجر مع إن وأن مقيس مطرد.
وجوز أبو البقاء أن يكون ﴿ أَن تُقْبَلَ ﴾ بدل اشتمال من هم في ﴿ مَنَعَهُمْ ﴾ وهو خلاف الظاهر، وفاعل منع ما في حيز الاستثناء، وجوز أن يكون ضمير الله تعالى ﴿ وَإِنَّهُمْ كَفَرُواْ ﴾ بتقدير لأنهم كفروا.
وقرأ حمزة.
والكسائي ﴿ يَقْبَلُ ﴾ بالتحتانية لأنه تأنيت النفقات غير حقيقي مع كونه مفصولاً عن الفعل بالجار والمجرور.
وقرىء ﴿ نفقاتهم ﴾ على التوحيد.
وقرأ السلمى ﴿ إن يَقْبَلُ مِنْهُمْ نفقاتهم ﴾ ببناء ﴿ يَقْبَلُ ﴾ للفاعل ونصب النفقات ؛ والفاعل إما ضمير الله تعالى أو ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام بناء على أن القبول بمعنى الأخذ ﴿ وَلاَ يَأتونَ الصلاة ﴾ المفروضة في حال من الأحوال ﴿ إِلاَّ وَهُمْ كسالى ﴾ أي إلا حال كونهم متثاقلين ﴿ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارهون ﴾ الانفاق لأنهم لا يرجون بهما ثواباً ولا يخافون على تركهما عقاباً، وهاتان الجملتان داخلتان في حيز التعليل.
واستشكل بأن الكفر سبب مستقل لعدم القبول فما وجه التعليل بمجموع الأمور الثلاثة وعند حصول السبب المستقل لا يبقى لغيره أثر.