فائدة
قال الفخر :
القائل :﴿ءامِنُواْ كما آمن الناس﴾ إما الرسول، أو المؤمنون، ثم كان بعضهم يقول لبعض : أنؤمن كما آمن سفيه بني فلان وسفيه بني فلان، والرسول لا يعرف ذلك فقال تعالى :﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السفهاء﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢ صـ ٦١ ـ ٦٢﴾

فصل


قال أبو السعود :
﴿قَالُواْ﴾ مقابِلين للأمر بالمعروف بالإنكار المنكر، واصفين للمراجيح الرِّزانِ بضد أوصافِهم الحسانِ :﴿أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السفهاء﴾ مشيرين باللام إلى من أشير إليهم في الناس من الكاملين، أو المعهودين، أو إلى الجنس بأسره، وهم مندرجون فيه على زعمهم الفاسد، والسَّفهُ خِفةٌ وسخافةُ رأيٍ يُورِثهما قصورُ العقل، ويقابله الحِلْم والأناة، وإنما نسبوهم إليه مع أنهم في الغاية القاصية من الرشد والرزانةِ والوقار، لكمال انهماكِ أنفسِهم في السفاهة، وتماديهم في الغَواية، وكونِهم ممن زُين له سوءُ عمله فرآه حسناً، فمن حسِب الضلالَ هدىً يسمِّي الهدى لا محالة ضلالاً، أو لتحقير شأنهم، فإن كثيراً من المؤمنين كانوا فقراءَ، ومنهم مَوالٍ كصهيب وبلال، أو للتجلد وعدم المبالاة بمن آمن منهم على تقدير كون المرادِ بالناس عبدَ الله بن سلام وأمثالَه، وأياً ما كان فالذي يقتضيه جزالةُ التنزيل ويستدعي فخامةُ شأنِه الجليل أن يكون صدورُ هذا القول عنهم بمحضر من المؤمنين الناصحين لهم جواباً عن نصيحتهم، وحيث كانوا فحواه تسفيهَ أولئك المشاهيرِ الأعلام، والقدحَ في إيمانهم لزم كونُهم مجاهرين لا منافقين. وذلك مما لا يكاد يساعده السِباق والسِياق، وعن هذا قالوا ينبغي أن يكون ذلك فيما بينهم لا على وجه المؤمنين.


الصفحة التالية
Icon