ولا نؤمن كإيمان الناس حتى تأمرونا بذلك، وقد خاطبوا به الناصحين استهزاءً بهم مرائين لإرادة المعنى الأخير وهم معولون على الأول، والشرع ينظر للظاهر وعند الله تعالى علم السرائر، ولهذا سكت المؤمنون ورد الله سبحانه عليهم ما كانوا يسرون، فالكلام كناية عن كمال إيمانهم ولكن في قلب تلك الكناية نكاية فهو على مشاكلة قولهم :﴿أَسْمِعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ﴾ [ النساء : ٦ ٤ ] في احتمال الشر والخير ولذلك نهى عنه، وجعل رحمه الله تعالى قوله تعالى في الحكاية عنهم :﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾ [ البقرة : ١١ ] من هذا القبيل أيضاً، وإلى ذلك مال مولانا الشهاب الخفاجي وادعى أنه من بنات أفكاره، وعندي أنه ليس بشيء لأن ﴿أَنُؤْمِنُ﴾ لإنكار الفعل في الحال وقولهم :﴿كَمَا آمَنَ السفهاء﴾ بصيغة الماضي صريح في نسبتهم السفاهة إلى المؤمنين لإيمانهم فلا تورية ولا نفاق، ولعله لما رأى صيغة الماضي زاد في بيان المعنى لو آمنوا، ولا أدري من أين أتى به.
ولا يصلح العطار ما أفسد الدهر.
فالأهون بعض هاتيك الوجوه، وقوله : إن إبراز ما صدر عن أحد المتحاورين في الخلاء في معرض ما جرى بينهما في مقام المحاورة مما لا عهد به في الكلام فضلاً عما هو في منصب الإعجاز لا يخفي ما فيه على من اطلع على محاورات الناس قديماً وحديثاً والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١ صـ ١٥٥ ـ ١٥٦﴾

فصل


قال الفخر :
السفه الخفة يقال : سفهت الريح الشيء إذا حركته، قال ذو الرمة :
جرين كما اهتزت رياح تسفهت.. أعاليها مر الرياح الرواسم
وقال أبو تمام الطائي :
سفيه الرمح جاهله إذا ما.. بدا فضل السفيه على الحليم


الصفحة التالية
Icon