أراد به سريع الطعن بالرمح خفيفه، وإنما قيل لبذيء اللسان سفيه ؛ لأنه خفيف لا رزانة له وقال تعالى :﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السفهاء أموالكم التى جَعَلَ الله لَكُمْ قياما﴾ [ النساء : ٥ ] وقال عليه السلام :" شارب الخمر سفيه " لقلة عقله وإنما سمي المنافقون المسلمين بالسفهاء ؛ لأن المنافقين كانوا من أهل الخطر والرياسة، وأكثر المؤمنين كانوا فقراء، وكان عند المنافقين أن دين محمد ﷺ باطل، والباطل لا يقبله إلا السفيه ؛ فلهذه الأسباب نسبوهم إلى السفاهة ثم إن الله تعالى قلب عليهم هذا اللقب وقوله الحق لوجوه : أحدها : أن من أعرض عن الدليل ثم نسب المتمسك به إلى السفاهة فهو السفيه.
وثانيها : أن من باع آخرته بدنياه فهو السفيه.
وثالثها : أن من عادى محمداً عليه الصلاة والسلام فقد عادى الله، وذلك هو السفيه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢ صـ ٦٢﴾
وقال القرطبى :
ويقال : إنّ السّفه أنْ يكثر الرجل شرب الماء فلا يروى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١ صـ ٢٠٦﴾
وقال ابن عاشور :
وقوله :﴿أنؤمن كما آمن السفهاء﴾ استفهام للإنكار، قصدوا منه التبرىء من الإيمان على أبلغ وجه، وجعلوا الإيمان المتبرأ منه شبيهاً بإيمان السفهاء تشنيعاً له وتعريضاً بالمسلمين بأنهم حملهم على الإيمان سفاهة عقولهم، ودلوا على أنهم علموا مراد من يقول لهم ﴿كما آمن الناس﴾ أنه يعني بالناس المسلمين.
والسفهاءُ جمع سفيه وهو المتصف بالسفاهة، والسفاهة خفة العقل وقلة ضبطه للأمور قال السموأل :
نَخاف أن تَسْفَهَ أحلامُنَا...
فَنَخْمل الدهرَ مع الخامل
والعرب تطلق السفاهة على أفن الرأي وضعفه، وتطلقها على سوء التدبير للمال.
قال تعالى :﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ [ النساء : ٥ ] وقال :﴿فإن كان الذي عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ] الآية لأن ذلك إنما يجىء من ضعف الرأي.