ووصفهم المؤمنين بالسفاهة بهتان لزعمهم أن مخالفتهم لا تكون إلا لخفة في عقولهم، وليس ذلك لتحقيرهم، كيف وفي المسلمين سادة العرب من المهاجرين والأنصار.
وهذه شنشنة أهل الفساد والسفه أن يرموا المصلحين بالمذمات يهتاناً ووقاحة ليلهوهم عن تتبع مفاسدهم ولذلك قال أبو الطيب :
وإذا أتتْكَ مَذمَّتي من ناقص...
فهي الشهادةُ لي بأني كامل
وليس في هاته الآية دليل على حكم الزنديق إذا ظهر عليه وعرفت زندقته إثباتاً، ولا نفياً لأن القائلين لهم ﴿آمنوا كما آمن الناس﴾ هم من أقاربهم أو خاصتهم من المؤمنين الذين لم يفشوا أمرهم فليس في الآية دليل على ظهور نفاقهم للرسول بوجه معتاد ولكنه شيء أطلع عليه نبيئه، وكانت المصلحة في ستره، وقد اطّلع بعض المؤمنين عليه بمخالطتهم وعلموا من النبيء ﷺ الإعراض عن إذاعة ذلك فكانت الآية غير دالة على حكم شرعي يتعلق بحكم النفاق والزندقة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١ صـ ٢٨٣ ـ ٢٨٤﴾
لطيفة
قال الفخر :
إنما قال في آخر هذه الآية :﴿لاَّ يَعْلَمُونَ﴾ وفيما قبلها :﴿لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ لوجهين : الأول : أن الوقوف على أن المؤمنين على الحق وهم على الباطل أمر عقلي نظري، وأما أن النفاق وما فيه من البغي يفضي إلى الفساد في الأرض فضروري جار مجرى المحسوس.
الثاني : أنه ذكر السفه وهو جهل، فكان ذكر العلم أحسن طباقاً له والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢ صـ ٦٢﴾