والثالث : معاذ بن جبل، وسعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وجماعة من وجوه الأنصار، عدهم الكلبي.
وفيمن عنوا بالسفهاء ثلاثة أقوال.
أحدها : جميع الصحابة، قاله ابن عبَّاس.
والثاني : النساء والصبيان، قاله الحسن.
والثالث : ابن سلام وأصحابه، قاله مقاتل.
وفيما عنوه بالغيب من إِيمان الذين زعموا أنهم السفهاء ثلاثة أقوال.
أحدها : أنهم أرادوا دين الإِسلام، قاله ابن عباس، والسُّدي.
والثاني : أنهم أرادوا البعث والجزاء، قاله مجاهد.
والثالث : أنهم عنوا مكاشفة الفريقين بالعداوة.
من غير نظر في عاقبة، وهذا الوجه والذي قبله يخرج على أنهم المنافقون، والأول يخرج على أنهم اليهود.
قال ابن قتيبة : والسفهاء : الجهلة، يقال : سفه فلان رأيه إذا جهله، ومنه قيل للبذاء : سفه، لأنه جهل.
قال الزجاج : وأصل السَّفه في اللغة : خفة الحلم، ويقال : ثوب سفيه : إِذا كان رقيقاً بالياً، وتسفهت الريح الشجر : إذا مالت به.
قال الشاعر :
مشين كما اهتزت رماح تسفَّهت...
أعاليَها مرُّ الرياح النواسم
قوله تعالى :﴿ولكنْ لا يعلَمون﴾.
قال مقاتل : لا يعلمون أنهم هم السفهاء. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ١ صـ ٣٣ ـ ٣٤﴾
ومن فوائد ابن عرفة فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ الناس...﴾.
قال الفخر ( الخطيب ) : بدأ بالنهى عن الفساد لأنه راجع لدفع المؤلم ثم عقبه بالأمر بالإيمان لرجوعه إلى جلب المصالح، لأن دفع المفاسد آكد من جلب المصالح.
قال ابن عرفة : والآية عندي حجة لمن يقول : إنّ النظر واجب ( بالعقل ) ( إذ لو كان واجبا ) بالشرع لما كلفوا بالإيمان بل كانوا يكلفون بالنظر.
فإن قلت : ليس هذا بأول تكليفهم فلعلهم كلّفوا به بخطاب آخر قبل هذا ؟ ( قلنا ) : الآية خرجت مخرج ذمّهم والذّم ( الأغلب ) فيه أنه إنما يقع على المخالفة في الأصل لا في الفرع.


الصفحة التالية
Icon