قال ابن عرفة : ولكن يمكن أن يجاب عنه بوجهين :
الأول : أن الآية خرجت مخرج التقسيم بين الشيء وضدّه.
( والإيمان ) نقيض الكفر، وليس بينهما اشتراك، والنظر لا ( يناقض ) الكفر لأنه يكون صحيحا ويكون فاسدا، ( فقد ) ينظر المكلف فيهتدي، وقد ينظر فيضل.
فالنظر اشتراك بين الكفر والإيمان فلأجله لم يقل : وَإِذَا قِيلَ ( لَهُمْ ) انظروا كما نظر الناس، ( لأنّه ) لا يدل صريحا على تكليفهم بالنظر الصحيح.
الثاني : إن النفوس مجبولة على النظر في غرائب الأمور فلو كلفوا بالنظر لأشبه ذلك ( تحصيل الحاصل ).
قيل لابن عرفة : أو يجاب بأن تكليفهم بالإيمان وذمهم على عدمه يستلزم تكليفهم بالنظر.
قال :( والكاف ) منهم من جعلها ( نعتا ) ( لمصدر ) ( محذوف ) أي إيمانا ( شبيها ) ( بإيمان ) الناس والمشبه بالشيء والمشبه بالشيء لا يقوى قوته، ففيه حجة لمن يقول : إن الإيمان يزيد وينقص ( فكلفوهم ) بتحصيل أقل ما يكفي منه، فلم يقبلوا ذلك.
قال أبو حيان : ومنهم من أعربه حالا من الإيمان أي آمنوا الإيمان كما آمن الناس لأن الإيمان المقدر يعرف بالألف واللام.
قال ابن عرفة : ولا يحتاج إلى ( هذا ) ( لأن ) سيبويه قال في قوله تعالى :﴿فَمَهِّلِ الكافرين أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً﴾ إن رُوَيدا حال من المصدر المقدر وهو إمهال وصحّ إتيانها منه وإنْ كان نكرة ( لأنه ) لما ينطق به أشبه المضمر في المعرفة، ( فكذلك يكون هذا ).
قوله تعالى :﴿أَنُؤْمِنُ كَمَآ ءَامَنَ السفهآء ألا إِنَّهُمْ هُمُ السفهآء...﴾.


الصفحة التالية
Icon