السابع : الرَّجَال ؛ قال تعالى :﴿لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس﴾ [ غافر : ٥٧ ] يعني : الرجال.
فصل في إعراب الآية
الهمزة في " أنؤمن " للإنكار، والاستهزاء، ومَحَلّ " أنؤمن " بـ " قالوا " وقوله :﴿كَمَآ آمَنَ السفهآء﴾ القول في " الكاف " و " ما " كالقول فيهما فيما تقدّم، و " الألف " و " اللام " في " السفهاء " تحتمل أن تكون للجنس أو للعهد، وأبعد من جعلها للغَلَبَة كالعيّوق ؛ لأنه لم يغلب هذا الوصف عليهم، بحيث إذا قيل : السفهاء فيهم منهم ناس مخصوصون، كما يفهم من العيوق كوكب مخصوص.
والسَّفه : الخِفَّة، يقال : ثوب سفيه أي : خفيف النَّسْج، ويقال : سفهت الرِّيح الشيء : إذا حَرَّكته ؛ قال ذو الرمّة :[ الطويل ]
جَرَيْنَ كَمَا اهْتَزَّتْ رِيَاحٌ تَسَفَّهِتْ...
أَعَالِيَهَا مَرَّ الرِّيَاحِ النَّوَاسِمِ
وقال أبو تمام :[ الوافر ]
سَفِيهُ الرُّمْحِ جَاهِلُهُ إذَا مَا...
بَدَا فَضْلُ السَّفيهِ عَلَى الحَلِيمِ
أراد سريع الطَّعن بالرُّمْحِ خفيفه، وإنما قيل لبذيء اللسان : سفيه ؛ لأنه خفيف الهداية.
وقال عليه الصلاة والسلام :" شَارِبُ الخَمْرِ سَفِيهٌ " لقلة عقله.
وقيل : السفيه : الكَذَّاب الذي يعمل بخلاف ما يعلم، وإنما سمّى المنافقون المسلمين بالسُّفهاء، لأن المُنَافقين كانوا من أهل الرياسة، وأكثر المسلمين كانوا فقراء، وكان عند المنافقين أن دين محمد باطلٌ، والباطل لا يقبله إلا السَّفيه، فلهذا نسبوهم إلى السَّفاهة، ثم إنّ الله - تعالى - قلب عليهم هذا القول فقال :" أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ " لوجوه :
وثانيها : أنَّ من باع آخرته بِدُنْيَاهُ فهو السَّفيه.
وثالثها : أنَّ من عادى الله، وذلك هو السَّفيه.
والكلام على قوله :﴿ألا إِنَّهُمْ هُمُ السفهآء ولكن لاَّ يَعْلَمُونَ﴾ كالكلام على قوله :﴿ألا إِنَّهُمْ هُمُ المفسدون ولكن لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ [ البقرة : ١٢ ].
وقرأ أهل " الشام " و " الكوفة " " السّفهاء أَلاَ " بتحقيق الهمزتين، وكذلك كل همزتين وقعتا في كلمتين اتفقتا أو اختلفتا، والآخرون يحققون الأولى، ويليّنون الثانية والمختلفتين طلباً للخفّة فإن كانتا متّفقتين مثل :
﴿هؤلاء إِن﴾ [ البقرة : ٣١ ]، و ﴿أَوْلِيَآءُ أولئك﴾ [ الأحقاف : ٣٢ ]، و ﴿جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ [ هود : ١٠١ ] قرأها أبو عمرو والبزي عن ابن كثير بهمزة واحدةٍ.
وقرأ أبو جعفر، وورش، ويعقوب : بِتَحْقِيق الأولى وتَلْيين الثانية.
وقرأ قَالُون : بتليين الأولى، وتحقيق الثانية، لأن مت يستأنف أولى بالهمزة ممّا يسكت عليه. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ١ صـ ٣٥٤ ـ ٣٥٨﴾. باختصار يسير.