لطيفة
قال فى روح البيان
وفي " التأويلات النجمية " ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ أي : لأهل الغفلة والنسيان ﴿ءَامِنُوا كَمَآ ءَامَنَ النَّاسُ﴾ أي : بعض الناسين منكم الذين تفكروا في آلاء الله تعالى وتدبروا آياته بعد نسيان عهد ألست بربكم ومعاهدة الله تعالى على التوحيد والعبودية فتذكروا تلك العهود والمواثيق فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلّم وبما جاء به ﴿قَالُوا﴾ أي : أهل الشقاوة منهم ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَآ ءَامَنَ السُّفَهَآءُ﴾ فكذلك أحوال أصحاب الغفلات مدعي الإسلام إذا دعوا عن الإيمان التقليدي الذي وجدوه بالميراث إلى الإيمان الحقيقي المكتسب بصدق الطلب وترك محبة الدنيا واتباع الهوى والرجوع إلى الخلق والتمادي في الباطل ينسبون أرباب القلوب وأصحاب الكرامات العالية إلى السفه والجنون وينظرون إليهم بنظر العجز والذلة والقلة والمسكنة ويقولون أنترك الدنيا كما ترك هؤلاء السفهاء من الفقراء لنكون محتاجين إلى الخلق كما هم محتاجون ولا يعلمون أنهم هم السفهاء لقوله تعالى :﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَآءُ وَلَكِن لا يَعْلَمُونَ﴾ فهم السفهاء بمعنيين أحدهما : أنهم يبيعون الدين بالدنيا والباقي بالفاني لسفاهتهم وعدم رشدهم والثاني : أنهم سفهوا أنفسهم ولم يعرفوا حسن استعدادهم للدرجات العلى والقربة والزلفى فرضوا بالحياة الدنيا ورغبوا عن مراتب أهل التقى ومشارب أهل النهي كما قال الله تعالى :﴿وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ ( البقرة : ١٣٠ ) فإنه من عرف نفسه فقد عرف ربه ومن عرف ربه ترك غيره وعرف أهل الله وخاصته فلا يرغب عنهم ولا ينسبهم إلى السفه وينظر إليهم بالعزة فإن الفقراء الكبراء هم الملوك تحت الأطمار ووجوههم المصفرة عند الله كالشموس والأقمار ولكن تحت قباب العزة مستورون وعن نظر الأغيار محجوبون. أ هـ ﴿روح البيان حـ ١ صـ ٩١﴾


الصفحة التالية
Icon