وقال الآلوسى :
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ ءامِنُواْ كَمَا ءامَنَ الناس﴾ إشارة إلى التحلية بالحاء المهملة كما أن ﴿لا تفسدوا﴾ [ البقرة : ١١ ] إشارة إلى التخلية بالخاء المعجمة ولذا قدم، وليس هنا ما يدل على أن الأعمال داخلة في كمال الإيمان أو في حقيقته كما قيل لأن اعتبار ترك الفساد لدلالته على التكذيب المنافي للإيمان وحذف المؤمن به لظهوره أو أريد افعلوا الإيمان والكاف في موضع نصب، وأكثر النحاة يجعلونها نعتاً لمصدر محذوف أي إيماناً كما آمن الناس وسيبويه لا يجوز حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه في هذا الموضع ويجعلها منصوبة على الحال من المصدر المضمر المفهوم من الفعل ولم تجعل متعلقة بآمنوا والظرف لغو بناءً على أن الكاف لا تكون كذلك و( ما ) إما مصدرية أو كافة ولم تجعل موصولة لما فيه من التكلف، والمعنى على المصدرية آمنوا إيماناً مشابهاً لإيمان الناس، وعلى الكف حققوا إيمانكم كما تحقق إيمان الناس وذلك بأن يكون مقروناً بالإخلاص خالصاً عن شوائب النفاق، والمراد من الناس الرسول ﷺ ومن معه من المؤمنين مطلقاً كما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهم نصب عين أولى الغين، وملتفت خواطرهم لتأملهم منهم، وقد مر ذكرهم أيضاً لدخولهم دخولاً أولياً في الذين آمنوا فالعهد خارجي، أو خارجي ذكري، أو من آمن من أبناء جنسهم كعبد الله بن سلام كما قاله جماعة من وجوه الصحابة، أو المراد الكاملون في الإنسانية الذين يعد من عداهم في عداد البهائم في فقد التمييز بين الحق والباطل، فاللام إما للجنس أو للاستغراق.