قَوْله تَعَالَى :﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِيهِ فَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ : لَا يُجْزِي أَنْ تُعْتَقَ مِنْ الزَّكَاةِ رَقَبَةُ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَعْتِقْ مِنْ زَكَاتِك.
وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَا يُعْتِقُ مِنْ الزَّكَاةِ مَخَافَةَ جَرِّ الْوَلَاءِ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرِّقَابِ :﴿ إنَّهَا رِقَابٌ يُبْتَاعُونَ مِنْ الزَّكَاةِ، وَيُعْتَقُونَ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ دُونَ الْمُعْتِقِينَ ﴾.
قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ : لَا يُعْطَى الْمُكَاتَبُ مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا، وَلَا عَبْدًا مُوسِرًا كَانَ مَوْلَاهُ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الْكَفَّارَاتِ أَيْضًا، قَالَ مَالِكٌ :﴿ لَا يُعْتَقُ مِنْ الزَّكَاةِ إلَّا رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ السَّلَفِ فِي جَوَازِ إعْطَاءِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الزَّكَاةِ، فَثَبَتَ أَنَّ إعْطَاءَهُ مُرَادٌ بِالْآيَةِ، وَالدَّفْعُ إلَيْهِ صَدَقَةٌ صَحِيحَةٌ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ وَعِتْقُ الرَّقَبَةِ لَا يُسَمَّى صَدَقَةً، وَمَا أُعْطِيَ فِي ثَمَنِ الرَّقَبَةِ فَلَيْسَ بِصَدَقَةٍ لِأَنَّ بَائِعَهَا أَخَذَهُ ثَمَنًا لِعَبْدِهِ فَلَمْ تَحْصُلْ بِعِتْقِ الرَّقَبَةِ صَدَقَةٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الصَّدَقَاتِ فِي الرِّقَابِ فَمَا لَيْسَ بِصَدَقَةٍ فَهُوَ غَيْرُ مُجْزِئٍ.


الصفحة التالية
Icon