فالحلف هنا مقصود به القسم الكاذب. ولكن إذا قال الحق سبحانه وتعالى ﴿ أَقْسَمُواْ ﴾ فقد يكون اليمين صادقاً ؛ وقد يكون كاذباً.
والحق سبحانه وتعالى يقول :﴿ يَحْلِفُونَ بالله لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ ﴾ أي : أن هدف الحلف كذباً هو 'رضاء المؤمنين حتى يطمئنوا للمنافقين ولا يتوقعوا منهم الشر، ثم يأتي الحق سبحانه وتعالى بالحقيقة :﴿ والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ﴾ إذن : فهم يحلفون لترضَوْا أنتم عنهم، أما المؤمن الحق فهو لا يقسم إلا ليرضى الله ؛ لأن الإنسان قد يخدع البشر، وقد يفلت من عدالة الأرض، ولكنك لا تخدع الله ولا تلفت من عدالته أبداً.
ومن مهام الإيمان أن الإنسان يرعى الله في كل معاملة له مع البشر ؛ ويبتغي رضاه ويخاف من غضبه، ذلك هو المؤمن الحق.
وهنا نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى قال :﴿ والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ﴾ وكان القياس اللغوي على حسب كلام البشر أن يقول : والله ورسوله أحق أن ترضوهما. وشاء الحق أن يأتى بها ﴿ والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ﴾ ؛ لأن رضا الله ورضا رسوله هو رضا واحد ؛ لأن الرسول ﷺ لا يأتي بالقرآن من عنده، ولكنه وحي من عند الله.
وإرضاء الرسول هو اتباع المنهج الذي فيه رضا الله لذلك يقول الحق سبحانه وتعالى :﴿ إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله... ﴾ [ الفتح : ١٠ ]
ويقول سبحانه :﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ الله... ﴾ [ آل عمران : ٣١ ]
ويقول سبحانه :﴿ مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله... ﴾ [ النساء : ٨٠ ]
إذن : فلا توجد طاعة لله وطاعة للرسول، ولا رضا لله ورضا للرسول ؛ لأن الرضا منهما رضا واحد.


الصفحة التالية
Icon