فقال :﴿أَذِنَ﴾ وإن كان رفعاً بالابتداء في الظاهر لكن موضعه نصب على الحال وتأويله قل هو أذناً خير إذا كان أذناًفهو خير لكم لأنه يقبل معاذيركم، ونظيره، وهو حافظاً خير لكم، أي هو حال كونه حافظاً خير لكم إلا أنه لما كان محذوفاً وضع الحال مكان المبتدأ تقديره، وهو حافظ خير لكم وإضمار "هو" في القرآن كثير.
قال تعالى :﴿سَيَقُولُونَ ثلاثة﴾ أي هم ثلاثة، وهذا الوجه شديد التكلف، وإن كان قد استحسنه الواحدي جداً.
المسألة الخامسة :
قرأ حمزة ﴿وَرَحْمَةً﴾ بالجر عطفاً على ﴿خَيْرٌ﴾ كأنه قيل : أذن خير ورحمة، أي مستمع كلام يكون سبباً للخير والرحمة.
فإن قيل : وكل رحمة خير، فأي فائدة في ذكر الرحمة عقيب ذكر الخير ؟
قلنا : لأن أشرف أقسام الخير هو الرحمة، فجاز ذكر الرحمة عقيب ذكر الخير، كما في قوله تعالى :﴿وَمَلئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وميكال﴾ [ البقرة : ٩٨ ] قال أبو عبيد : هذه القراءة بعيدة لأنه تباعد المعطوف عن المعطوف عليه.
قال أبو علي الفارسي : البعد لا يمنع من صحة العطف، ألا ترى أن من قرأ ﴿وَقِيلِهِ يارب﴾ [ الزخرف : ٨٨ ] إنما يحمله على قوله :﴿وَعِندَهُ عِلْمُ الساعة﴾ [ لقمان : ٣٤ ] تقديره : وعنده علم الساعة وعلم قيله.
فإن قيل : ما وجه قراءة ابن عامر ﴿وَرَحْمَةً﴾ بالنصب ؟
قلنا : هي علة معللها محذوف، والتقدير : ورحمة لكم يأذن إلا أنه حذف، لأن قوله :﴿أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ﴾ يدل عليه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٦ صـ ٩٢ ـ ٩٤﴾