وقال الآلوسى :
﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ﴾
﴿ أَلَمْ يَعْلَمُواْ ﴾ أي أولئك المنافقون، والاستفهام للتوبيخ على ما أقدموا عليه من العظيمة مع علمهم بما سمعوا من الرسول ﷺ بو خامة عاقبتها.
وقرىء ﴿ تَعْلَمُواْ ﴾ بالتاء على الالتفات لزيادة التقريع والتوبيخ إذا كان الخطاب للمنافقين لا للمؤمنين كما قيل به.
وفي قراءة ﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ ﴾ [ العلق : ١٤ ] والخطاب إما للنبي ﷺ أو لكل واقف عليه، والعلم يحتمل أن يكون المتعدي لمفعولين وأن يكون المتعدي لواحد ﴿ أَنَّهُ ﴾ أي الشأن ﴿ مَن يُحَادِدِ الله وَرَسُولَهُ ﴾ أي يخالف أمر الله وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام، وأصل المحادة مفاعلة من الحد بمعنى الجهة والجانب كالمشاقة من الشق والمعاداة من العدوة بمعناه أيضاً فإن كان واحد من مباشري كل من الأفعال المذكورة في حد وشق وعدوة غير ما عليه صاحبه، ويحتمل أن تكون من الحد بمعنى المنع، و﴿ مِنْ ﴾ شرطية جوابها قوله سبحانه :﴿ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ ﴾ على أن خبره محذوف أي فحق أن له نار جهنم، وقدر ذلك لأن جواب الشرط لا يكون إلا جملة وأن المفتوحة مع ما في حيزها مفرد تأويلاً، وقدر مقدماً لأنها لا تقع في ابتداء الكلام كالمكسورة، وجوز أن يكون المقدر خبراً أي الأمر أن له الخ، وقيل المراد فله نار جهنم وأن تكرير ﴿ إن ﴾ في قوله سبحانه :﴿ أَنَّهُ ﴾ توكيداً قيل : وفيه بحث لأنه لو كان المراد فله وأن توكيداً لكان نار جهنم مرفوعاً ولم يعمل ﴿ إن ﴾ فيه، ولما فصل بين المؤكد والمؤكد بجملة الشرط، ولما وقع أجنبي بين فاء الجزاء وما في حيزه.
وأجيب بأنه ليس من باب التوكيد اللفظي بل التكرير لبعد العهد وهو من باب التطرية ومثل ذلك لا يمنع العمل ودخول الفاء.