؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنَ الْعَرَبِ إِلَّا الْأَذَى وَالْأَذَاةُ وَالْأَذِيَّةُ، وَرُبَّمَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى (٣ : ١١١) مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آذَى الْمُتَعَدِّي بِنَفْسِهِ لَا مِنْ أَذَى اللَّازِمِ، إِلَّا أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ اسْمُ مَصْدَرٍ، وَتَقْيِيدُهُمْ لِلْأَذَى بِالْمَكْرُوهِ الْيَسِيرِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْيَسِيرِ وَالْخَفِيفِ وَعَلَى الشَّدِيدِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى : لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى مِنَ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنَ الضَّرَرِ، وَمِثْلُهُ مَا وَرَدَ فِي الْأَذَى مِنَ الْمَطَرِ وَأَذَى الرَّأْسِ مِنَ الْقَمْلِ، وَمِنَ الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ :
إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (٣٣ : ٥٧، ٥٨) فَقَدْ وَرَدَ فِي الْمَأْثُورِ تَفْسِيرُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ بِالَّذِينِ نَسَبُوا إِلَيْهِ الِابْنَ وَالْبَنَاتِ، وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَهُ بِالَّذِينِ شَجُّوا رَأْسَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَبِالَّذِينِ كَانُوا يُكَذِّبُوا بِرِسَالَتِهِ وَيَقُولُونَ : سَاحِرٌ، وَشَاعِرٌ وَكَاهِنٌ. وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِالطَّاعِنِينَ فِي الْأَعْرَاضِ، وَبِالزُّنَاةِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ النِّسَاءَ لِمُرَاوَدَتِهِنَّ. وَنَاهِيكَ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ لِلْجَمِيعِ.