فصل
قال الفخر :
﴿ وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٦٨) ﴾
اعلم أنه تعالى لما بين من قبل في المنافقين والمنافقات أنه نسبهم، أي جازاهم على تركهم التمسك بطاعة الله أكد هذا الوعيد وضم المنافقين إلى الكفار فيه، فقال :﴿وَعَدَ اللهُ المنافقين والمنافقات والكفار نَارَ جَهَنَّمَ خالدين فِيهَا﴾ ولا شك أن النار المخلدة من أعظم العقوبات.
ثم قال :﴿هِىَ حَسْبُهُمْ﴾ والمعنى : أن تلك العقوبة كافية لهم ولا شيء أبلغ منها، ولا يمكن الزيادة عليها.
ثم قال :﴿وَلَعَنَهُمُ الله﴾ أي ألحق بتلك العقوبة الشديدة الإهانة والذم واللعن.
ثم قال :﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ ولقائل أن يقول : معنى كون العذاب مقيماً وكونه خالداً واحد، فكان هذا تكراراً ؟
والجواب : ليس ذلك تكريراً، وبيان الفرق من وجوه : الأول : أن لهم نوعاً آخر من العذاب المقيم الدائم سوى العذاب بالنار والخلود المذكور أولاً، ولا يدل على أن العذاب بالنار دائم.
وقوله :﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ يدل على أن لهم مع ذلك نوعاً آخر من العذاب.
ولقائل أن يقول : هذا التأويل مشكل لأنه قال في النار المخلدة :﴿هِىَ حَسْبُهُمْ﴾ وكونها حسباً بمنع من ضم شيء آخر إليه.
وجوابه : أنها حسبهم في الإيلام والإيجاع، ومع ذلك فيضم إليه نوع آخر زيادة في تعذيبهم.
والثاني : أن المراد بقوله :﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ العذاب العاجل الذي لا ينفكون عنه، وهو ما يقاسونه من تعب النفاق والخوف من اطلاع الرسول على بواطنهم، وما يحذرونه أبداً من أنواع الفضائح. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٦ صـ ١٠٢﴾