" قلتموها ورب الكعبة كما قالت بنو إسرائيل : اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة! إنها السنن " فحيث ظهرت أحداث اليهود من البغي والحسد وتعظيم ما ظهر تعظيمه من حيث الدنيا واستحقار ضعفاء المؤمنين فهنالك أعلام اليهودية ظاهرة، وكذلك ايضاً من اقتصر من هذه الشريعة الجامعة المحمدية على باطن من إصلاح حال أو قلب مع تضييع ظاهر الأمر ومجامع الخير وتعاضد الإسلام واكتفى بما استبطن وتهاون بما استظهر فهو من نصارى هذه الأمة، ليس بصاحب فرقان فكيف أن يكون صاحب قرآن، وذلك أن هذا الدين الجامع إنما يقوم بمعالم إسلام ظاهرة وشعار إيمان في القلوب وأحوال نفس باطنة وحقائق إحسان شهودية، لا يشهد المحسن مع الله سواه ولا يؤمن المؤمن مع الله بغيره، ولا يخضع المسلم إلى شيء دونه، فبذلك يتم، وقد التزم بمعالم الإسلام طوائف يسمون المتفقهة، والتزم بشعائر الإيمان طوائف يسمون الأصوليين والمتكلمين، وترامى إلى الإحسان طوائف يسمون المتصوفه، فمتى كان المتفقه منكراً لصدق أحوال الصوفية لما لعله يراه من خلل في أحوال المتصوفة فقد تسنن بسنن اليهودية، ومتى كان المتصوف غير مجل للفقهاء لما لعله يراه من خلل في أحوال المتفقه فقد تسنن بسنن النصارى، وكذلك حال المتكلم بين الفرقتين لأيهما مال، وإنما أئمة الدين الذين جمع الله لهم إقامة معالم الإسلام وإيمان أهل الإيمان وشهود أهل الإحسان، تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله فتأتم بهم الصوفية، وتظهر أنوار قلوبهم على ظلم المتشابهات فيأتم بهم أهل الإيمان، وتبدو في أعمالهم معالم الإسلام تامة فيأتم بهم أهل الإسلام ﴿عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً﴾ [ الفرقان : ٦٣ ] " أفضل الناس مؤمن في خلق حسن وشر الناس كافر في خلق سيىء " فأولو الفرقان جامعون ومستبصرون فمن اقتصر على ظاهر وأنكر باطناً لزمته مذام اليهود فيما أنزل من القرآن فيهم بحسب توغله


الصفحة التالية
Icon