واقتصاره، ومن اقتصر على باطن دون ظاهر لزمته مذام النصارى فيما أنزل من القرآن فيهم ؛ يذكر أن رجلاً من صلحاء المسلمين دخل كنيسة فقال لراهب فيها : دلني على موضع طاهر أصلي فيه، فقال الراهب : طهر قلبك مما سواه وقم حيث شئت، قال ذلك الصالح المسلم : فخجلت منه، فاعلم أن كل واحد من هذين الحالين ليس حال صاحب فرقان ولا حال صاحب قرآن لأن صاحب القرآن لا يخجل لهذا القول لأنه حاله، وقلبه مطهر مما سوى الله، ومع ذلك لابد أن ينظف ظاهره، لأن الله سبحانه كما أنه الباطن فيحب صفاء البواطن فإنه الظاهر يحب صلاح الظواهر، فصاحب القرآن إذا دعي إلى صفاء باطن أجاب ولم يتعلثم وإذا دعي إلى صلاح ظاهر أجاب ولم يتلكأ لقيامه بالفرقان وحق القرآن، يذكر أن ملكاً رحمه الله دخل المسجد بعد العصر وهو ممن لا يرى الركوع بعد العصر فجلس ولم يركع فقال له صبي : يا شيخ! قم فاركع، فقام وركع ولم يحاجه بما يراه مذهباً، فقيل له في ذلك فقال : خشيت أن أكون من
﴿الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون﴾ [ المرسلات : ٤٨ ] ووقف النبي ـ ﷺ ـ على سقاية زمزم وقد صنع العباس ـ رضى الله عنهم ـ أحواضاً من شراب فضيخ التمر والمسلمون يردون عليه وقد خاضوا فيه بأيديهم، فأهوى النبي ـ ﷺ ـ يشرب من شرابهم، فقال له العباس ـ رضى الله عنهم ـ : يا رسول الله! ألا نسقيك من شراب لنا في أسقية؟ فقال ـ ﷺ ـ :" أشرب من هذه ألتمس بركة أيدي المسلمين "، فشرب منه ـ ﷺ ـ.


الصفحة التالية
Icon