وقال ابن عطية :
﴿ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾
يقول عز وجل لنبيه ﷺ ألم يأت هؤلاء المنافقين خبر الأمم السالفة التي عصت الله بتكذيب رسله فأهلكها، ﴿ وعاد وثمود ﴾ قبيلتان، ﴿ وقوم إبراهيم ﴾ نمرود وأصحابه وتباع دولته، ﴿ وأصحاب مدين ﴾ قوم شعيب، ﴿ والمؤتفكات ﴾ أهل القرى الأربعة، وقيل السبعة الذين بعث إليهم لوط ﷺ، ومعنى ﴿ المؤتفكات ﴾ المنصرفات والمنقلبات أفكت فانتفكت لأنها جعل أعاليها أسفلها، وقد جاءت في القرآن مفردة تدل على الجمع، ومن هذه اللفظة قول عمران بن حطان :[ البسيط ]
بمنطق مستبينٍ غيرِ مُلْتَبِسٍ... به اللسانُ وإني غيرُ مؤتفكِ
أي غير منقلب منصرف مضطرب ومنه يقال للريح مؤتفكة لتصرفها، ومنه ﴿ أنى يؤفكون ﴾ [ المائدة : ٧٥، التوبة : ٣٠، العنكبوت : ٦١، الزخرف، ٨٧، المنافقون : ٤ ] والإفك صرف القول من الحق إلى الكذب، والضمير في قوله ﴿ أتتهم رسلهم ﴾ عائد على هذه الأمم المذكورة، وقيل على ﴿ المؤتفكات ﴾ خاصة، وجعل لهم رسلاً وإنما كان نبيهم واحداً لأنه كان يرسل إلى كل قرية رسولاً داعياً، فهم رسل رسول الله ذكره الطبري، والتأويل الأول في عود الضمير على جميع الأمم أبين وقوله ﴿ بالبينات ﴾ يريد بالمعجزات وهي بينة في أنفسها بالإضافة إلى الحق لا بالإضافة إلى المكذبين بها. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon