فصل


قال الفخر :
﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
ذكروا في سبب نزول الآية أموراً : الأول : روى ابن عمر أن رجلاً من المنافقين قال في غزوة تبوك ما رأيت مثل هؤلاء القوم أرعب قلوباً ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء يعني رسول الله ﷺ والمؤمنين، فقال واحد من الصحابة : كذبت ولأنت منافق، ثم ذهب ليخبر رسول الله ﷺ فوجد القرآن قد سبقه.
فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله وكان قد ركب ناقته، فقال يا رسول الله إنما كنا نلعب ونتحدث بحديث الركب نقطع به الطريق، وكان يقول إنما كنا نخوض ونلعب.
ورسول الله ﷺ يقول :" أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون " ولا يلتفت إليه وما يزيده عليه.
الثاني : قال الحسن وقتادة : لما سار الرسول إلى تبوك قال المنافقون بينهم أتراه يظهر على الشأن ويأخذ حصونها وقصورها هيهات، هيهات، فعند رجوعه دعاهم وقال : أنتم القائلون بكذا وكذا فقالوا : ما كان ذلك بالجد في قلوبنا وإنما كنا نخوض ونلعب.
الثالث : روى أن المتخلفين عن الرسول ﷺ سألوا عما كانوا يصنعون وعن سبب تخلفهم، فقالوا هذا القول.
الرابع : حكينا عن أبي مسلم أنه قال في تفسير قوله :﴿يَحْذَرُ المنافقون أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم﴾ [ التوبة : ٦٤ ] أظهروا هذا الحذر على سبيل الاستهزاء، فبين تعالى في هذه الآية أنه إذا قيل لهم لم فعلتم ذلك ؟ قالوا : لم نقل ذلك على سبيل الطعن، بل لأجل أنا كنا نخوض ونلعب.


الصفحة التالية
Icon