وقال أبو حيان :
﴿ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض ﴾
بيّن تعالى أن ذكورهم وأناثهم ليسوا من المؤمنين كما قال تعالى :﴿ ويحلفون بالله أنهم لمنكم وما هم منكم ﴾ بل بعضهم من بعض في الحكم والمنزلة والنفاق، فهم على دين واحد.
وليس المعنى على التبعيض حقيقة لأن ذلك معلوم ووصفهم بخلاف ما عليه المؤمنون من أنهم يأمرون بالمنكر وهو الكفر وعبادة غير الله والمعاصي، وينهون عن المعروف، لأن الذين نزلت فيهم لم يكونوا أهل قدرة ولا أفعال ظاهرة، وذلك بظهور الإسلام وعزته.
وقبض الأيدي عبارة عن عدم الإنفاق في سبيل الله قاله الحسن.
وقال قتادة : عن كل خير.
وقال ابن زيد : عن الجهاد وحمل السلاح في قتال أعداء الدين.
وقال سفيان : عن الرفع في الدعاء.
وقيل ذلك كناية عن الشح في النفقات في المبار والواجبات، والنسيان هنا الترك.
قال قتادة : تركوا طاعة الله وطاعة رسوله فنسيهم، أي : تركهم من الخير، أما من الشر فلم ينسهم.
وقال الزمخشري : أغفلوا ذكره فنسيهم تركهم من رحمته وفضله، ويغبر بالنسيان عن الترك مبالغة في أنه لا يخطر ذلك ببال.
هم الفاسقون أي : هم الكاملون في الفسق الذي هو التمرد في الكفر والانسلاخ من كل خير، وكفى المسلم زاجراً أن يلم بما يكسب هذا الاسم الفاحش الذي وصف الله به المنافقين. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٥ صـ ﴾