ما قالوا، فأنزل الله الآية ؛ وقال الكلبي : نزلت في الجلاس بن سويد، وذلك أن رسول الله ـ ﷺ ـ خطب ذات يوم بتبوك فذكر المنافقين فسماهم رجساً وعابهم فقال الجلاس : لئن كان محمداً صادقاً لنحن شر من الحمير، فسمعه عامر بن قيس فقال : أجل، إن محمداً لصادق وأنتم شر من الحمير، فلما انصرف رسول الله ـ ﷺ ـ إلى المدينة أتاه عامر بن قيس فأخبره بما قاله الجلاس، فقال الجلاس : كذب عليّ يا رسول الله! فأمرهما رسول الله ـ ﷺ ـ أن يحلفا عند المنبر فقام الجلاس عند المنبر بعد العصر فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما قاله ولقد كذب علي عامر، وقام عامر فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد قاله وما كذبت عليه، ثم رفع عامر ـ رضى الله عنهم ـ يديه إلى السماء فقال : اللهم! أنزل على نبيك تصديق الصادق منا، فقال النبي ـ ﷺ ـ والمؤمنون : آمين! فنزل جبريل عليه السلام قبل أن يتفرقا بهذه الآية حتى بلغ ﴿فإن يتوبوا يك﴾ أي التوب ﴿خيراً لهم﴾ فقام الجلاس فقال : يا رسول الله! أسمع الله قد عرض عليّ التوبة، صدق عامر بن قيس فيما قاله، لقد قلته، وانا أستغفر الله وأتوب إليه، فقبل رسول الله ـ ﷺ ـ ذلك منه ثم تاب وحسنت توبته.
ولا مانع من أن يكون كل ذلك سبباً لها كما تقدم ويأتي، والأوفق لها في السببية الخبر الأول للتعبير في الكفر ب " أل " المؤذنة بالكمال، ومن شتم نبينا ـ ﷺ ـ فقد ارتكب كل كفر، وفي الاية دليل على قبول توبة الزنديق المسر للكفر المظهر للايمان - كما قال أبو حيان وقال : وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وقال مالك : لا تقبل، فإن جاء تائباً من قبل نفسه من قبل أن يعثر عليه قبلت توبته. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٣ صـ ٣٦٠ ـ ٣٦٣﴾


الصفحة التالية
Icon